مهرجان كان72 من زوجة أخي إلى البؤساء

بقلم الطاهر الشيخاوي

زوجة أخي لمنية شكري

وكانت رغبتنا قوية أيضا في اكتشاف شريط منية شكري « زوجة أخي » وكان افتتح قسم « نظرة ما« . تكرر إسم المخرجة في صحافتنا بسبب أصولها التونسية كما ذُكرت أسماء أخرى كعبد الكبير كشيش وحفصية الحرزي كما لو تعلق الأمر بلقاء سياسي دُولي يضمّ مبعوثين رسميين، علما وأن هؤلاء الذين ذكرتهم يحملون جنسية أجنبية وقد انصهروا تماما في ثقافة البلاد التي ولدوا أو ترعرعوا فيها وأكدت أعمالهم في سياقاتها. الأمر لافت لأنه مبني على خليط من الشعور الساذج بالإنتماء ومعرفة سطحية بنواميس الفن السينمائي. هذا لا يعني، بالنسبة إليّ، أن لا دخل إطلاقا لأوصول المخرج الثقافية والجغرافية في عمله، بل يمكنها أن تضيف شيئا ما في رؤيته، وربما ذلك هو الذي جعلني أنتظر هذا الشريط كغيري من المشاهدين العرب عموما والتونسييين خصوصا، رغبة خفية غير واعية وساذجة في التماس قيمة تضيفها « العبقرية التونسية » للسينما العالمية، لكن لم أجد في « زوجة أخي » ما يستحق الذكر الحسن. عمل أقرب إلى السيتي كوم منه إلى السينما قد يرفه على بعض النفوس القلقة ويغذي خزينة المنتج ولكنه مليئ بالكليشيهات المتعلقة بالعائلة والعلاقات التي تربط بين أفرادها. في الفيلم جانب من الترجمة الذاتية ولكن لا إحالة ولو واحدة، لمن كان ينتظر ذلك، إلى الأصول التونسية، التي لا يحق لأحد أن يطالبها بها، لا إحالة واحدة ما عدا اسم الأب واسم الأخ العربيين. وبصرف النظر على هذا كله تاه العمل في سهولة البورتري العائلي تماما على شاكلة البرامج التلفزية مع التكرار المضحك والإثارة السهلة. وتجدر الإشارة إلى أن منية شكري هي بالأساس ممثلة مشهورة في الكندا تحضى بشهرة كبيرة خاصة بعد فيلم « الغراميات الخيالية » لغزافيي دولان وان اقتربت من هذا الأخير من حيث اهتماهما بالترجمة الذاتية إلا أن عملها لا يرتقي إلى مستوى أعمال غزافي دولان مهما كان رأينا فيه

لنمر دون الخوض في أسباب اختيار الفيلم في قسم هام من الأقسام الرسمية والتي يمكن بسهولة تصورها لما نعلم أن منية شكري تدور في فلك غزافيي دولان وهو من أهم « زبائن » المهرجان

البؤساء للادج لي

فيلم منتظر أيضا في المسابقة الرسمية وهو « البؤساء » للمخرج لادج لي الذي يلج للمرة الأولى مهرجان كان. لادج لي لا ينتمي لمؤسسة السينمائيين القادمين من العالم الأكاديمي أو الثقافي الرسمي . فهو ابن الضواحي، عاش وترعرع في مونتفرماي شرق باريز في حي البوسكي واشتهر اثر أحداث 2005 التي عرفتهاالضواحي حيث واكبها بكامراه وصور فلما وثائقيا حول الموضوع. ينطق الفيلم من حادثة عاشها المخرجة وصورها : شاب يصاب بطلقة من رجال الشرطة أثارت ضجة كبيرة حينها. يتابع الشريط فرقة امنية التحق بها عنصر جديد له ثقافة مختلفة على ثقافة الأعوان القدماء فيكتشف، ونحن معه، عالم الشباب المراهق والمهمش في الضواحي وصراعهم مع قوات الامن. طبعا الفيلم روائي لكنه يقدم إضافة في ابراز الوضع الإجتماعي لفيئة من الشعب الفرنسي لا مكان لها في المشهد البصري ومغيبة في المخيال الشعبي. الصورة يقدمها ابن من أبناء هذه الفيئة وهذا في ذاته مهم جدّا، وأن يوفر مهرجان كان مساحة لمثل هذه الأعمال مكسب كبير يجعل من هذا الموعد الثقافي العظيم نافذة مفتوحة على التحولات السوسيولوجية في فرنسا ويعطيه مشروعية اضافية. وهكذا يكون دور المهرجانات في البلدان الديمقراطية. وهذا ما أكده المخرج في العديد من اللقاءات. من الناحية السينمائية البحتة يصعب الإقرار بتميز خاص فالشريط يعيد انتاج أشياء كنا قد شاهدناها في بعض الأفلام السابقة كالحقد لكاسوفيتس مثلا ولكن ، ويجدر الإعادة، الأهمية تكمن في الإعادة نظرا لندرة هذه الأعمال. ثم ربما يضاف إلى كل هذا تنوع وجهات النظر في الشريط من خلال الاهتمام بعدد من الشخصيات الحاملة لأبعاد سوسيو ثقافية جديدة. وربما الجديد يكمن في ابراز شحنة الحقد الذي يحرك المراهقين والأطفال الذين يلعبون دورا أساسيا في الفيلم. كل هذا جاء في قالب ديناميكي وناجع وان كان كلاسيكيا نوعا ما

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Bouton retour en haut de la page