مايوين تفتتح الدورة 76 لمهرجان كان السينمائي

بقلم الطاهر الشيخاوي

اختيار « جان دي باري » في سهرة الافتتاح، له أكثر من مبرر، أهمها نوعية العمل الذي يمزج بين الفرجوي والثقافي والفني مزجا يعكس الخلطة التي يتبعها المهرجان في استراجيته العامة. كنا ذكرنا ذلك في تغطياتنا السابقة لأهم مهرجان سينمائي في فرنسا وواحد من أهم المهرجانات السينمائية العالمية إن لم يكن أهمّها. مزيج محكم التدبير بين النجاعة التجارية والبريق الثقافي وشيئ من النوايا الفنية الطيبة.

في رغبة جامحة للرقي الاجتماعي تستعمل جان فوبرنيي  مفاتنها للتخلص من وضعها الاجتماعي البائس. اغتنى عشيقها الكونت دو بيري من كياستها المربحة فرغب في تقديمها للملك، نظم لقاءا بواسطة  الدوق ريشوليو. فحصل ما فاق انتظاراته. عشق الملك جان من الوهلة الأولى. وأحب الحياة إلى درجة انه لم يحتمل مفارقتها فجعل منها عشيقته المفضلة. فكانت الفضيحة… لا أحد يرغب في أن تكون لهذه الفتاة الشعبية مكانة في البلاط

 

من وجهة النظر الفرجوية « جان دي باري » يتحلى بأكثر من ميزة، فهو فيلم تاريخي تدور أحداثه في القرن الثامن عشر في عهد الملك لويس الخامس عشر وفي دوائر الأوساط الملكية بما يقتضي ذلك من أبّهة وعظمة، ولا بد من الإقرار بأن مايوين نجحت أيما نجاح في توفير كل شروط رسم فخامة محيط العرش من ديكور وملابس وتصميم كوريغرافي (وهو شرط أولي يثير فضول الجمهور العريض في جمهورية فرنسا الحانّة إلى الملكية). ولكن مايوين تعلم أن ذلك لا يكفي لإرضاء المثقفين من متابعي الفن السابع فأضافت مسألة في غاية من الأهمية في ثقافة البلد وهي المسألة النسوية وما تثيره من جدل خاصة في عالم السينما. من هنا جاء اختيار شخصية جان دو باري، محظية الملك فهي قادمة من وسط شعبي لا يليق اطلاقا بالملك وفي ذلك إشارات عدة، أولها اجتماعية مثيرة ومنها أخرى مبطنة تحيل بطريقة ما إلى وضع المخرجة نفسها التي لم تترك أي فرصة للتعبير عما تشعر به من مرارة في صعوبة ولوجها لعالم السينما الراقي، هي التي لم تمر عبر المسالك المعهودة كمعاهد السينما أو عائلات الفنانين. لذلك ارتأت تقمص دور الشخصية الرئيسية. ثم، والأمر أكثر وضوحا، اختارت لشخصية الملك وهو ملك لم يترك أثرا بارزا في تاريخ بلده نجما أمريكيا من أكثر النجوم شعبية في العالم وهو جوني ديب. هكذا تكتمل الصورة خاصة أن مايوين لم يفتها بذر العديد من الأفكار النسوية التي ترجع بطريقة ما صدى ما يحدث في العالم الغربي بالخصوص من مسائل تتعلق بالجندر. طبعا كل ذلك في نسيج موفق تجاريا وثقافيا إلا لدى فئة المختصين أو المتابعين للشأن السينمائي الذين لم يفتهم الضرر الذي لحق بالبعد الفكري للفيلم بسبب التضخم الفرجوي.

الحصيلة : لم يكن من السهل الولوج للقاعتين المخصصتين لعرض الشريط التي سبقته مراسم الافتتاح بما تحمله من بريق وخطابات مرتقبة …

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Bouton retour en haut de la page