بعض ما كتبه جيل دولوز عن ياسيجورو أوزو

ترجمة الطاهر الشيخاوي

بعض ما كتبه جيل دولوز عن سينما أوزو في الجزء الثاني لكتابه حول الصورة، « الصورة-الزمن » (*) :

رغم تأثّره منذ البداية ببعض المؤلفين الأمريكيين، أنجز أوزو، في سياق ياباني، أعمالا تُقدم، لأوّل مرّة وضعيات سمعية وبصرية محضة (مع أنه التحق متأخرا بالسينما الناطقة أي سنة 1936). لم يحاكيه الأروبيون وإنما وصلوا إلى ما وصل إليه بوسائلهم الخاصّة. لكنه يظلّ، على كلّ حال، مخـترعَ العلامات الصوتية والعـلامات البصرية المحضة (des opsignes et des sonsignes). اكتست أعمالُه شكل الجولة والأغنية (une forme-ba(l)lade)، كسفر في القطار، أو تسوّق في الطاكسي، أو رحلة في الحافلة، أو سير على الدراجة أو على القدمين، كذهاب وإياب الجدّ والجدّة من قريتهما إلى طوكيو، أو آخر عطلة لفتاة مع أمّها، أو هروب شيخ من المنزلولكن الغاية تظلّ أعمالا يومية بسيطة جدّا نلمسها في الحياة العائلية داخل البيت اليابانية. قلّت حركات الكاميرا تدريجيا : شكّلت حركات الترافلينغ  » كتلات من الحركة » بطيئة ومنخفضة، أمّا آلة التصوير فهي منخفضة على الدوام وثابتة في غالب الأحيان، منتصبة أمام الشخصيات أو في زاوية مستقرة، كما تمّ التخلّص من الإخفاء التدريجي لللقطة لصالح الإنتقال الحادّ من لقطة إلى أخرى (cut). فما يبدو لنا عودة إلى « السينما البدائية » هو في الحقيقة تشكّل لأسلوب حديث، يتـّسم ببساطة مدهشة. فالمونطاج المبني على الإنتقال الحادّ من لقطة إلى أخرى والذي سيسود السينما الحديثة يمثّل نوعا من الإنتقال بين الصور، أو نمطا في الربط بينها، بصرّيا محضا، يشتغل بشكل مباشر، تاركا جانبا كل أساليب التركيب. وكذلك الشأن بالنسبة إلى الصّوت، بما أن المونطاج الحاد قد يصل إلى اعتماد أسلوب « لقطة واحدة، إجابة واحدة » المستعار من السينما الامريكية. ولكن فيما يخصّ هذا الأسلوب، لنأخذ إرنست لوبتش على سبيل المثال، الأمر يتعلّق بصورةحدث (image-action) تشتغل كإشارة. ولكن أوزو غيـّر معنى هذا الأسلوب، فأصبح يدلّ الآن على غياب الحبكة : تختفي الصورةالحدث فتبقى الصورة البصرية المحضة للشخصية في ذاتها، والصورة السمعية لكلامها، فيشكّل الطبعُ البسيط والحوارُ البسيط جوهرَ السيناريو (لذلك كان مهما اختيارُ الممثلين وفق مظهرهم المادّي والمعنوي كما كان مهما، على ما يبدو، اختيارُ الحوار العادي دون تحديد موضوع بعينه)(1).

إن هذا المنهج يفرض بوضوح ومن البداية لحظات هدوء، كما يجعل هذه اللحظات تتواتر طوال الفيلم. بالفعل،كلّما تقدم الفيلم أمكننا الإعتقاد أن لحظات الهدوء لا تكتسي قيمة في حدّ ذاتها فقط ، بل تحمل كذلك أثر أمر هام : قد نعتقد أن اللقطة و الحوار يمتدّان عبر لحظات طويلة من الصمت والفراغ. ومع ذلك فلا وجود تماما لحدث بارز وحدث عادي لدى أوزو، لا وجود لوضعيات قصوى ووضعيات عادية، تكون فيها الوضعيات القصوى مؤثرة في الوضعيات العادية أو مضمنة لها. لا نشاطر بول شرادر رأيه عندما يطرح مقابلةً بين لحظتين، اللحظة « العادية » واللحظة « الحاسمة« ، أي لحظة « الإختلاف » التي تُـدخل على النسق العادي قطيعةً أو شعورا « لا يمكن فهمه« (2). قد تستقيم هذه المقابلة، في أقصى الحالات، بالنسبة إلى الواقعية الجديدة. في أعمال أوزو، كل شئ عادي أو بسيط جدّا، بما في ذلك الموت والأموات الذين يذهبون في طيّ نسيان طبيعي. فمشاهد الإجهاش بالبكاء المشهورة لا تشكل لحظة قوية تتعارض مع اللحظات الضعيفة في الحياة العادية، ولا مبررَ للحديث عن اندلاع شعور مكبوت كما لو كان « حدثا بارزا« . (كمشهد الأب، في « عشية خريف« ،عندما بدأ يبكي في صمت بعد زواج إبنته، أو مشهد البنت في « الربيع المتأخر » التي بعدما لاحت شبهُ ابتسامة على شفتيها وهي تشاهد أباها نائما، اغرورقت عيناها بالدموع، أو مشهد البنت في « آخر نزوة » التي تفوهت بملاحظة مرّة تخصّ أباها ثم أجهشت بالبكاء).

قد بيّن لايبنيتز (وهو لم يكن يجهل وجود الفلاسفة الصينيين) أن العالم يتكوّن من حلقات تتركب ثم تتلاقى بشكل منتظم جدا وفق قوانين عادية. إلاّ أن هذه الحلقات والمقاطع لا تظهر لنا إلاّ من خلال أجزاء صغيرة في نظام مختلّ أو مختلط إلى درجة أننا نرى في القطيعة والتفاوت والنشاز أشياءً خارقة للعادة. كتب موريس لوبلان رواية، نُشرت في حلقات، تلتقي مع حكمةٍ في الفكر الزن البوذي : البطل بلتازار وهو « أستاذ الفلسفة العادية » كان يقول لتلاميذه إنه لا يوجد في الحياة شئ بارز أو متفرد، بل حتى المغامرات الأكثر غرابة يمكن تفسيرها بسهولة، فالأحداث كّلها عادية(3)ولكن يجب القول إنه بحكم تسلسلها الضعيف بطبعه، تشهد هذه الحلقات تقلّبات مستمرة، فلا تظهر في انتظام. ينفصل عنصرٌ عادي عن مقطعه وينتصب وسط مقطع آخر من الأحداث العادية، فيكتسي بالنسبة إليها شكلَ لحظة قويّة، شكلَ أمر بارز أو مركّب. إن البشر هم الذين يُدخلون الإضطراب على انتظام الحلقات وإستمرارية الكون. هناك زمن للحياة وزمن للموت وزمن للأم وزمن للبنت، ولكن الناس يخلطون بينها و يجعلونها تظهر بدون نظام، فتتنازع فيما بينها. تلك هي فكرة أوزو : الحياة بسيطة جدّا والإنسان مانفكّ يعقّدها ب« تعكير المياه الراكدة » (هكذا فعل الأصدقاء الثلاثة في « آخر الخريف« ). ولما صمدت أعمالُ أوزو بعد الحرب ولم يُصبها الإنهيار، كما تنبأ بعضُهم بذلك، فلأن مرحلة مابعد الحرب أكّدت هذه الفكرة، بل جدّدتها وعزّزتها، متجاوزةً موضوع الأجيال المتصارعة. اصطدم الواقع العادي الأمريكي بالواقع العادي الياباني، اصطداما بين نوعيين من الحياة اليومية، تجلّى حتى في الألوان لمّا اقتحم لون الكوكا كولا الأحمر ولون البلاستيك الأصفر اقتحاما عنيفا حلقة الألوان الهافته الباهتة للحياة اليابانية. وكما يقول أحدهم في شريط « طعم الساكي » : ماذا لو كان الأمر عكس ما هو عليه، ماذا لو دخل الساكي والعود الياباني والغايشا فجأة في الحياة اليومية العادية الأمريكية؟ » نظنّ، في هذا المجال، أن الطبيعة لم تتدخل في لحظة حاسمة أو في قطيعة واضحة مع الإنسان العادي كما يعتقد شرادر، فجمال الطبيعة الساطع والجبل الملفوف بالثلوج لا يعني سوى أمرا واحدا : كلّ شئ عادي ومنتظم، كل شئ بسيط. تُعيد الطبيعة حَـبك ما فكّـكه الإنسان وتُـصلح ما رأى الإنسان أنه انكسر . ولمّا تخرج شخصيةٌ من نزاع عائلي أو من سهرة مأتمية لتتأمل جبلا مكلّلا بالثلوج، فكأنما هي تسعى إلى إسترجاع نظام الحلقات المختل بالمنزل، فترى أن الطبيعة الأزلية والمنتظمة أعادت تربيبه، كأنّ الطبيعةَ معادلةٌ تـُقدّم لنا سبب الإخلالات الظاهرة و« ما يدور وما يعود وما يعلو وما يهبط » كما يقول لايبنتز.

إن الحياة اليومية لا تترك إلاّ روابطَ حسّية حركية ضعيفة، وتعوّض الصورةَالحركة (image-mouvement) بصُوَر بصرية وصوَر صوتية محضة، بعلامات بصرية وعلامات صوتية. لا وجود لدى أوزو لخطّ في الكون يربط بين اللحظات الحاسمة، بين الموتى والأحياء كما هو الشأن لدى ميزوغوشي ؛ ولا وجود كذلك لفضاءنفَس (espace-souffle) أو لفضاء شامل يحمل قضيّة عميقة كما هو الشأن لدى كوروزاوا. ترتقي فضاءات أوزو إلى فضاءات عادية، إمّا عن طريق فكّ الإرتباط وإمّا عن طريق الفراغ (وهنا أيضا يمكن إعتبار أوزو من المخترعين الأوائل). فالأخطاء المتعمّدة في الربط بين اللقطات سواء تعلّق الأمر بالوصل بين النظرات أو بإتجاه الحركة أو بموضع الأكسسوارات، فهي مستمرّة ومتكرّرة بانتظام. هناك حركة كاميرا يمكن أن تعطينا مثالا جيّدا على فكّ الإرتباط : في « بداية صيف« ، تتقدم البطلة على أطراف قدميها لمفاجأة شخص في المطعم، تعود الكاميرا إلى الخلف حتى تبقى البطلة وسط الكادر ؛ ثم تتقدم الكاميرا في رواق، ولكنّنا نكتشف أن الرواق لم يعد رواق المطعم وإنما رواق منزلها، لأنها قد عادت إلى بيتها. أما في خصوص الفضاءات الفارغة، الخالية من الشخوص ومن الحركة، فهي أماكن داخلية غادَرها من كان فيها، أو أماكن خارجية قفراء أو مشاهد طبيعية. تكتسب هذه الفضاءات لدى أوزو إستقلاليةً لم تكتسبها حتى في الواقعية الجديدة أين تحافظ، كما يبدو، على قيمة نسبية (في علاقة بالحكي) أو قيمة ناتجة (عن حدث انقرض). فهي تبلغ المطلقَ، في شكل تأمّلات محضة، وتَضْمنُ، على الفور، تماثل الذهن مع المادة، والواقع مع الخيال، والذات مع الموضوع، والعالم مع الأنا. وهي تشكّل إلى حدّ ما ما يعبّر عنه شرادر ب« الركود » (stases) وبورش ب« اللقطة الوسادة » (pillow-shots) وريشي ب« الطبيعة الصامتة » (nature morte). والسؤال هو ألَا يجب أن نميّز داخل هذا الصنف بين نوعين من الفضاءات.

هناك، بالطبع، كثير من وجوه الشبه ومن الوظائف المشتركة ومن الخيوط الرابطة الخفية بين فضاء أو مشهد خال من ناحية وطبيعة صامتة من ناحية أخرى. ولكن لا يجب الخلط بين الطبيعة الصامتة والمشهد الطبيعي، فهما ليسا شيئا واحدا. تكمن قيمة الفضاء الفارغ في غياب محتوى ممكن، بينما تتميز الطبيعة الصامتة بوجود وتركيب أجسام تلفّ نفسها بنفسها، وتصبح حاوية لذاتها : كاللقطة الطويلة للمزهرية الموجودة تقريبا في نهاية « الربيع المتأخر ». إن مثل هذه الأجسام لا تلفّ نفسها بالضرورة في الفراغ وإنّما يمكنها أن تترك شخصيات تعيش وتتكلم في شئ من الضبابية كالطبيعة الصامتة للمزهرية والغلال في » سيدة طوكيو« ، أو الطبيعة الصامتة للغلال وعصي الغولف في « ماذا نسيت السيدة؟« . فكما هو الشأن لدى بول سيزان، لا تتضمن الأماكن الشاغرة أو المثقوبة نفسَ مبادئ التركيب التي تتضمّنها مشاهد الطبيعة الصامتة. قد يتردّد المرء في التمييز بينها، لشدّة تقارب وظائفها ودقّة ورهافة أساليب الإنتقال. يمكن على سبيل المثال ذكر التركيبة الرائعة بين القارورة والمنارة في بداية « الأعشاب المرفرفة« . التمييز بينها لا يقلّ قيمة عن التمييز بين الفراغ والإمتلاء وما بينهما من فوارق دقيقة وروابط في الفكر الصّيني والياباني، فهما وجهان للـتأمّل. إذا كانت الفضاءات الشاغرة، داخلية أو خارجية، تشكّل وضعيات بصرية (وسمعية) محضة، فمشاهد الطبيعة الصامتة تمثل الوجه الآخر لها، الجانب الآخر من العلاقة.(4)

جاءت مزهرية « الربيع المتأخر » بين شبه ابتسامة الفتاة وبداية نزول دموعها. هناك صيرورة، تحوّل، مرور. ولكن شكلُ التحول لا يتحوّل، لا يمرّ. إنه الزمن، الزمن في ذاته، « شئ من الزمن المحض » : صورةزمن مباشرة تضفي على المتغيّر شكلا أبديا، يحدث في داخله التغييرُ. الليل الذي يتحول إلى نهار، أو النّهار الذي يتحوّل إلى ليل، يحيل على طبيعة صامتة يُسلَّط عليها ضوءٌ آخذ في الإنخفاض أو في الإرتفاع (« امرأة ليلة« ، « قلب متقلب« ). الطبيعة الصامتة هي الزّمن، لأن كلّ متغيّر يكمن في الزمن، ولكن الزمن هو لا يتغير، ولا يمكنه أن يتغير إلاّ في زمن آخر، إلى ما لا نهاية له. في اللحظة التي تواجه فيها الصورةُ السينمائية الصورةَ الفوتوغرافية مواجهة لصيقة جدّا، في تلك اللحظة ذاتها تتميز عنها تميّزا جذريا للغاية. إن مشاهد الطبيعة الصامتة عند أوزو تدوم، إنها تتضمن ديمومة، عشر ثواني بالنسبة إلى المزهرية : ديمومة المزهرية هذه هي بالتحديد تصوير ما يدوم من خلال تعاقب الأوضاع المتغيرة. الدراجة أيضا يمكنها أن تدوم، أي أن تمثّل الشكل الدائم للمتحرِّك، شريطة أن تبقى ساكنة، أن تبقى في مكانها جنب الحائط (« حكاية أعشاب ترفرف« ). الدراجة والمزهرية ومشاهد الطبيعة الصامتة، إنها صُور محضة ومباشرة للزمن. كل صورة من هذه الصور تمثل الزمن، في كل مرّة، وفي الظروف التي تتغير فيها الأشياء في الزمن، مهما كانت هذه الظروف. الزمن هو الإمتلاء أي الشكل المليئ بالتغيير والذي لا يمكن تغييره. الزمن هو « الإحتياطي البصري من الأحداث في وجاهتها« (5). كان انتونيوني يتحدث عن « أفق الأحداث » موضحا أن الكلمة تعني شيئين بالنسبة إلى الغربيين، تعني أفقا عاديا للإنسان، وأفقا كوزمولوجيا كونيا لا يمكن إدراكه، في ابتعاد دائم. من هنا جاء تقسيم السينما الغربية إلى إنسانوية أوروبية وخيال علمي أمريكي(6). ويقترح أن الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى اليابانيين الذين لا يولون إهتماما كبيرا للخيال العلمي : هناك أفق واحدٌ يربط بين الكوني واليومي، بين الدائم والمتحوّل، هناك زمن واحد فقط كشكل دائم للمتحوّل. هكذا يتحدّد مفهوم الطبيعة و« الركود » حسب شرادر، كشكل يربط الحياة اليومية ب« شئ موحّد ودائم« . ولا حاجة إلى دعوة قوّة متعالية ترنسندنتالية. في الحياة اليومية العادية تتجه الصورةالفعل وحتى الصورةالحركة نحو الإختفاء لتترك المكان لوضعيات بصرية محضة، ولكن هذه الوضعيات تكتشف روابط من صنف جديد، غير الروابط الحسية الحركية، تضع الحواس المتحررة في علاقة مباشرة مع الزمن ومع الفكر. هذا هو الإمتداد الخاص جدّا للعلامة البصرية : تحويل الزمن والفكر إلى شيئين محسوسين، قابلين للرؤية والسمع.

(…) لم يكن أوزو نفسه حارسا للقيم التقليدية أو الرجعية بل كان أكبر ناقد للحياة اليومية. فمن الأشياء التي لا معنى لها يستخرج أشياء لا تحتمل شريطة أن نُضفي على الحياة اليومية قوةً تأملية مليئة بالتعاطف والرأفة. المهم هو أن تتحلى الشخصية أو المشاهد، بل الشخصية والمشاهد معا، ببصيرة ثاقبة. فالوضعية البصرية والصوتية المحضة تثير القدرة على الإستبصار، أي في الوقت ذاته، القدرة على الفانتاسم والمعاينة، على النقد والتعاطف، بينما الوضعيات الحسية الحركية، مهما كانت درجة عنفها، فهي تتوجه إلى وظيفة بصرية براغماتية « تقبل » أو « تتحمل » تقريبا أي شئ بما أن كل شئ ينضوي داخل منظومة الأفعال وردود الأفعال

في اليابان وفي أوروبا، ندّد النقد الماركسي بهذه الأفلام وبشخصياتها، باعتبارها سلبية وغير فاعلة، بورجوازية أحيانا ومضطربة وهامشية أحيانا أخرى، أبدلت العمل على التغيير برؤية « غامضة« (7). وفعلا شخصيات الجولة (les personnages (de ballade غير معنية حتى بالأحداث التي يتعرضن إليها، إمّا على طريقة روسيليني عندما تكتشف الأجنبية الجزيرةَ أو عندما تكتشف (السيدة) البورجوازية المصنعَ، وإمّا على طريقة غودار مع جيل بيارو المعتوه. ولكن ضعف السلاسل الحركية والروابط الضعيفة قادرة على إطلاق قوّة تفكّكٍ عظيمة. هذه الشخصيات ترتجّ ارتجاجا مدهشا في أعمال روسيليني كما أنها على بيّنة مدهشة في أعمال غودار وريفات. في الغرب وفي اليابان هذه الشخصيات موجودة في وضع متحوّل بل هي شخصيات متحوّلة

.Gilles Deleuze, L’image-temps, ed. Les Edtions de minuit, pp. 22-29 (*)


(1) Donald Richie, Ozu, Ed. Lettre d u blanc.

عندما ينطلق في كتابة السيناريو، نادرا ما كان يتساءل عن القصّة، مستقويّا برصيده من المواضيع. كان بدلا من ذلك يفكّر في الأشخاص التي ستسكن فيلمه.(…) يُسندُ أسمٌ لكل شخصية ، كما تُسند لها ترسانة من الخاصيات العامّة، مرتبطة بوضعها العائلي، كأب، أو كبنت، أو كعمة، ولكنها تحمل القليل من السمات الخاصّة. تتطوّر هذه الشخصية, أو بالأحرى يتطور كلامُها الذي ييعث فيها الحياة (…) بصرف النظر عن أي إحالة على الحبكة أو القصّة. (…) بالرغم من أن المَشاهد الإفتتاحية تتضمن دائما العديد من الحوارات، فهذه الحوارات لا تدور حول موضوع بعينه. (…) هكذا كانت الشخصية تنبني وتتشكل من خلال حواراته بطريقة تكاد تكون حصرية » (ص1526). ثم على أساس مبدأ « لقطة، حوار » 143- 145

(2) Paul Schrader, « Transcendantal style in film : Ozu, Bresson, Dreyer » ( extraits in Cahiers du cinéma, n° 286, mars 1978)

خلافا لكانط لا يميز الأمريكيون تماما بين التعالي والعلو (le transcendant et le transceandantal) : من هنا جاءت أطروحة شرادر الذي ينسب لأوزو نزعة نحو « العلو » كما ينسب نفس النزعة لبروسون وحتى دراير. ويميّز شرادر بين ثلاث مراحل في الأسلوب المتعالي لأوزو وهي : اليومي والحاسم و« الركود » كتعبير على العلوّ ذاته

(3) Maurice Leblanc, La vie extravagante de Balthazar, Le livre de poche

(4) يمكن الرجوع إلى تحليل نويل بورش الجميل لمفهوم « اللقطة الوسادة » ولوظائفها : تعليق وجود الإنسان والمرور إلى الجامد وكذلك المرور في الاتجاه المعاكس : محور ورمز ومساهمة في سطحية الصّورة وتركيب تصويري. نتساءل فقط ان لم يجب التمييز بين شيئين مختلفين في « اللقطات الوسائد » . كما نطرح نفس السؤال بالنسبة إلى ما يسميه ريتشي « الطبيعة الصامتة ». ص164-170

(5) Dôgen, Shôbôgenzo, Ed. de la Différence.

(6) Cf. Antonioni, • L’horizon des événements • ( Cahiers du cinéma, no 290, juillet 1978, p. 1 1 )

حيث يؤكد على الثنائية الأوروبية. وفي حديث لاحق يعود إلى هذا الموضوح ملاحظا أن اليابانيين يطرحون الموضوع طرحا مغايرا (عدد 342، ديسمبر 1982

في موضوع النقد الماركسي لتطور الواقعية الجديد   Le néo-réalisme », Etudes cinématographiques« , p102 » ؛ أما . في ما يخص النقد الماركسي وخاصة ضد أوزو وشخصياتها انظر Noêl Burch, p.283 يجب الإشارة إلى أنه، في فرنسا، لقيت الموجة الجديدة في شكلها السباق لقيت تفهما كبيرا لدى سادول (Sadoul)

  (7)

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Bouton retour en haut de la page