أصغر فرهادي يفتتح مهرجان كان

  

بعد حفل امتزج بالطرافة حينا وبالسذاجة أحيانا أخرى، أمّنه الممثل روبير باير  الذي حاول بصعوبة ادخال البهجة في نفوس عدد غفير من المشاهدين علما وأنه تم تسخير قاعتي لوميير و ديبوسي للمناسبة، اذا بعد تقديم أعضاء لجنة التحكيم وكلمات المسييرين ورئيسة اللجنة وعرض مشهدين جميلين لفيلم غودار « بيارو المعتوه » (سوف نعود في مناسبة قادمة لخلفيات استعمال رمز غودار في هذه الدورة)، افتتحت المسابقة الرسمية بشريط المخرج الإيراني أصغر فرهادي « الكل على علم ». إثر انتهاء العرض لم تشهد قاعة ديبوسي المخصصة لحصص الصحافة تصفيقا حارا أو حماسا ملحوظا. ولم نر في ذلك إجحافا. إذ كان العمل جديا من ناحية كتابة السيناريو وتقنيات الإخراج وخاصة إدارة الممثلين، إلا أنه لم يرتق، في رأينا، إلى درجة من الإبداع تستحق تنويها خاصا. اختار فرهادي أن تدور أحداث شريطه في قرية اسبانية، رسم فيها خارطة عالمه بمكوناته وهواجسه المعهودة حتى أنه كان من الممكن للحكاية أن تجري في أي مكان من العالم. ما يدل في الوقت ذاته على قدرة المخرج على تجاوز ضغوطات سياق مكان التصوير من الناحية السوسيولوجية والثقافية وعدم قدرته على إبراز خاصيته من الناحية السينمائية رغم إلتجائه إلى ممثلين إسبانيين مشهورين مثل بينيلوب كروز وخافيي بارديم وإلى مدير التصوير  جوزي لويز ألكين الذي اشتغل مع بيدرو المودوفار

يبدأ الفيلم بقدوم لاورا (بينيلوب كروز) رفقة ابنتها المراهقة وابنها الطفل إلى قرية مسقط رأسها، تاركة زوجها في الأرجنتين لحضور زفاف أختها. تأخذ مشاهد حفل الزفاف حيزا من الزمن كافيا لتمكين المخرج من ارساء أسس قصته وقوانين تطورها حتى يطرأ الحدث الذي ستنطلق منه، حسب نواميس الحكي الواقعي والطبيعي، آلية ُتحليل دقيق للعلاقات الرابطة بين أعضاء العائلة المجتمعة بالمناسبة والتي هي بمثابة المجتمع المصغر. منطلق الأحداث هو اختطاف المراهقة من طرف مجهولين. من هنا يبدأ الحكي بحكمة ودراية كان أثبتها فرهادي في أفلامه السابقة (« انفصال نادر وسيمين »2011، و »الماضي » 2013، و »البائع » 2016) فتبرز الضغائن والخيانات والنوايا المبيتة والمشاعر الدفينة المرتبطة بالمال والجاه. ويأتي كل ذلك في نمط من الإخراج الكلاسيكي الناجع المتناسب مع نمط انتاج الفيلم المكلف نسبيا، ولكن يبقى العمل منحصرا في دائرة مغلقة لا تسمح للشخصيات بأن يتحركوا بالحرية الكافية لكي تنفتح دلالات الفيلم على آفاق أوسع وأرحب

فيلم ناجع ذو مستوى ثقافي يتناسب مع مهرجان كان ولكن تنقصه الجرأة الفنية التي يحق للمشاهد أن ينتظرها منه

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *

Bouton retour en haut de la page