Alexandrie 16-20 sept 2017 إسكندرية 16-20 سبتمبر
Rapport général
L’organisation :
Pour l’organisation de Premiers-Gestes Alexandrie, nous avons mis à contribution notre partenaire principal Gudran et son équipe pour tout ce qui concerne la gestion financière, administrative et logistique. Ainsi Wekalet Behna – l’un des espaces artistiques que dirige Gudran et qui s’occupe de cinéma, d’image animée et d’arts visuels- a abrité l’atelier de la critique de cinéma et celui de la réalisation ainsi qu’une partie des projections. Nous avons également eu un partenariat avec l’Institut français d’Alexandrie qui a accueilli la deuxième partie des projections et la table ronde. Un soutien nous a été également apporté par le réseau des écrans arabes alternatifs NAAS (Network of Arab Alternative Screens) sans oublier “le centre d’études alexandrines” pour l’hébergement des cinéastes invités et des organisateurs de la manifestation.
La programmation :
La sélection des films s’est appuyée essentiellement sur les critères esthétiques, politiques et éthiques qui sont à la base de la pensée d’Archipels Images et qui président aux choix de Premiers Gestes. Des expériences cinématographiques méditerranéennes jeunes qui, tout en étant personnelles, cherchent à comprendre le monde environnant à travers des images à valeur expérimentale qui ne cherchent pas nécessairement à répondre aux normes répandues de la brillance, de l’artifice et de la cohérence en cours dans le cinéma commercial, dans les médias ou les festivals réputés ; des images qui s’emploient à repenser les jugements esthétiques établis dans la forme et le contenu notamment dans le monde arabe.
Nous nous sommes inspirés en partie des Premiers Gestes-Tunis pour ce qui concerne les nouvelles expériences cinématographiques en Afrique du Nord. Les projections ont eu lieu à raison de deux projections par jour, la première à 17h à Wekalet Behna et la deuxième à 20h à l’Institut français à Alexandrie. La présence a été variable et diversifiée, entre 30 spectateurs à Wekalet Behna et 50 à l’Institut français. Le public a pu discuter avec les quatre réalisateurs présents et participé aux débats après les projections qui ont été toutes animées par un critique.
L’atelier de la critique :
À la suite d’un appel à candidature lancé une semaine avant le début de la manifestation, plus de dix candidats ont été choisis. L’animation a été assurée par Aly El Adawy, Hajer Bouden et Tahar Chikhaoui. Les participants ont pris activement part à l’atelier qui a duré tout le long de la manifestation, ils sont composés d’étudiants, de nouveaux diplômés cinéphiles et des amateurs de critique et d’analyse de films. Certains ont écrits des textes qui seront publiés Dans les sites “Tara el Bahr” et celui d’Archipels Images.
•
La table ronde s’est tenue à la salle de projections de l’Institut culturel français à 13h le dernier jour de la manifestation. Autour de quinze personnes étaient présentes. Les débats ont tourné, comme prévu, autour des cinémas des pays du Maghreb, l’Algérie et la Tunisie en particulier, et du renouveau que ces cinémas ont connu dans les sujets traités et leurs modes de traitement. Malgré la modeste présence des participants, ceux-ci étaient particulièrement actifs et attentifs. L’animation a été assurée par Tahar Chikhaoui en présence de Hajer Bouden.
L’atelier de la réalisation :
Après une sélection en plusieurs étapes, trois candidats ont été retenus ; ils ont été encadrés par trot is animateurs, Nina Khada, David Yon et Laurent Thivolle qui sont également venus accompagner leurs films, au programme de la manifestation. Le principe était de choisir des réalisateurs venant d’horizons culturels différents de ceux des participants. Insaf Machta, critique de cinéma, enseignante universitaire et présidente de Sentiers a assuré la coordination générale de l’atelier. Le thème choisi a été la ville et le portrait en décors intérieurs, notamment en raison de l’impossibilité d’obtenir une autorisation de tournage en ville. Trois courts métrages ont été réalisés et projetés lors de la soirée de clôture. Un débat s’en est suivi qui a été animé par les participants à l’atelier de la critique. L’échange a été vivant et très instructif.
(voir les liens des films de l’atelier plus bas)
تقرير « لمسات أولى » – الاسكندرية –
2017 من 16 – 20 سبتمبر
التنظيم –
أعتمدنا فى تنظيم لمسات أولى فى الأسكندرية بالأساس على شريكنا الرئيسى مؤسسة جدران و فريقها فيما يخص التجهيزات المالية و الأدارية و اللوجيستية بحيث تستضيف وكالة بهنا – أحد المساحات الفنية التى تديرها جدران و التى تعنى بالسينما و الصور المتحركة و الفنون البصرية – ورشات النقد و مبادئ صناعة الأفلام و جزء من عروض الأفلام
بدأنا شراكة مع المركز الفرنسى فى الاسكندرية لاستضافة الجزء الأخر من عروض الأفلام و المائدة المستديرة , شراكة طموحة تبدأ من تلك الدورة و تطمح فى التعاون فى الدورات القادمة
شراكة و دعم مع شبكة صالات العربية البديلة « ناس »
التعاون مع « مركز دراسات الاسكندرية » فيما يخص أقامة الفنانين المخرجين و القائمين على الفعالية
البرمجة –
اتعمدت بشكل أساسى على الأنحياز الجمالى و بالتالى السياسى و الأخلاقى التى تقوم عليه فكرة و اختيارات « لمسات أولى » للتجارب السينمائية و البصرية الشابة من حوض البحر المتوسط , التى تنطلق من الذات و تحاول أن تستوعب و تفهم العالم من حولها عن طريق صور صنعت بحس تجريبى لا تفى بشروط و معايير و قياسات الصور اللامعة المصطنعة المتماسكة الرائجة سواء فى السينما التجارية و الميديا او فى المهرحانات الدولية المعروفة, صور تسعى الى أعادة التفكير و مراجعة كل ما استقر من أحكام جمالية و نقدية على مستوى الشكل و الموضوع تحديدا فى محيط عالمنا العربى
أعتمدنا فى أختياراتنا فى الأسكندرية على اختيارات « لمسات أولى » فى تونس ة التى تركز على التجارب السينمائية الشابة المعاصرة فى شمال أفريقيا
عروض الأفلام كانت على ميعادين 5 مساء فى وكالة بهنا و 8 مساء فى المركز الفرنسى بالأسكندرية
الحضور كان متنوعا و مختلفا يتراوح بين متوسط 30 مشاهد فى وكالة بهنا و مشاهد50 فى المركز الفرنسى
شارك الجمهور بتفاعلية فى النقاشات مع 4 مخرجين و فى مناقشة الأفلام عموما
ورشة النقد –
أطلقنا دعوة للمشاركة فى الورشة قبل أسبوع من بداية الفعالية
قمنا بأختيار أكثر من 10 مشاركين
نشط الورشة كل من علي العدوي وهاجر بودن والطاهر الشيخاوي
على مدار أيام الفعالية شارك المشاركون بفعالية الذين ترواحوا بين كونهم طلبة جامعة أو خريجين حديثين يحبوا السينما و مهتمين بالنقد السينمائى عن طريق مناقشة و تحليل الأفلام من وجهات نظر مختلفة كذلك شاركوا بكتابات عن أفلام الفعالية و التى سيتم تطويرها و تحريرها لكي تنشر على موقعي « ترى البحر » و « أرخبيل الصور »
المائدة المستديرة –
التأمت المائدة المستديرة بقاعة العروض بالمركز الثقافي الفرنسي مع السساعة الواحدة بعد الزوال وكان عدد الحضور قرابة خمس عشر فردا وتمحورت النقاشات أساسا كما كان مقررا حول سينما بلدان المغرب العربي وبالخصوص الجزائر وتونس وما شهدته هذه البلدان من تجديد في مواضيع وطرق الاخراج. وبالرغم من قلة الحضور الذي كان منتظرا كان اهتمام الحاضرين مرتفعا جدا. نشط القاء الناقد ورئيس جمعية ارخبيل الصور الطاهر الشيخاوي بحضور الناقدة هاجر بودن.
ورشة الأخراج –
-بعد العديد من التصفيات تم الاحتفاظ بثلاثة شبان اشتغل معهم ثلاثة منشطين نينا خدا ودافيد يونغ ولوران تيفول كلهم جاؤوا أيضا لمرافقة أفلامهم المبرمجة في افعاليات. المبدأ هو اختيار مخرجين من ثقافة مختلفة عن ثقافة المشاركين الشبان حتى يكون التبادل على أكمله وشاركت انصاف ماشطة الاستاذة الجامعية والناقدة السينمائية ورئيسة جمعية مسارب في الورشة كمنسقة ومترجمة. اشتغلت المجموعة كل أيام الفعاليات حول موضوع المدينة والبورتري في ديكور داخلي لعدم امكانية الحصول على تاشيرة التصوير في المدينة حتى توصل كل واحد منهم إلى انجاج شريط قصير تم عرضهم في سهرة الاختتام. وتابع العرض نقاش نشطه أعضاء ورشة النقد وكان التبادل حيا ومفيدا جدا. سوف يقع تنزيل الافلام على اليوتوب.
أفلام ورشة الإخراج –
(Les films de l’atelier de réalisation)
My uncle Ali by Khaled Gamal
Someone else of Mahmoud Youssef
مقالات ورشة النقد –
(Les articles de l’atelier de la critique)
الليل يضيء الليل »: عن علاقة الغريب بالآخر »
بقلم لميس شاهين
رجل متشرد بشوارع فرنسا، كاميرا تتبعه، و ماضي مهيب يربط بين فرنسا و النيجر. يستكشف لورانت تيفول في فيلمه « الليل يضيء الليل » علاقة الأوروبي بالآخر، يتبع الرجل الأفريقي بكاميرته ولا يتجاوزه أبداً، فيبقى أغلب الوقت في وضعية المتلصص، يتابع هذا العالم الغريب من على بعد. يمزج ببراعة بين التصوير الرقمي و الفيديوهات الأرشيفية لعائلة الغريب، و يتخلل فيلمه الذي لا تتجاوز مدته ال70 دقيقة لحظات طويلة من الصّمت و التأمل لا تدري إذا كان المقصود منها منح مهلة للتفكير للمشاهد أم للشخصيات أنفسهم.
هو فيلم غريب، لا يكتفي فقط بمحاورة الرجل الغريب، بل يتبعه في الحدائق بملابسه الغير متناسقة، و بكاميرا أنالوج، فيبدو كأنما خرج من أغنية موسيقية من سبعينيات القرن الماضي، بل قد يكون هو الأخ المفقود لجيمي هندريكس شخصيا و ما كان إلا أن إكتُشف الآن. والحقيقة أن إجابات هذا الرجل على أسئلة المحاور هي أغرب من مظهره و تقنيات الفيلم مجتمعين. في بداية الفيلم يسرح وسط شوارع المدينة ليلاً، متمتماً برغبته في الزواج من أوروبية و بغضه للأفريقيات، يُتوج نفسه ملكاً للعرب ثم يشكي من حياته المقفرة، يقرر فجأة أن كل من هو غير فرنسي فهو غبي متجاهلاً تماما كونه غير فرنسي بالمرّة . لاحقا في الفيلم يظهر الرجل إعتزازه بكونه إفريقي، و اِقتناعه التام بعدم تأثير الإستعمار الفرنسي على أهل بلاده، لكن الحقيقة أن كل ما يبوح به في الساعات المتأخرة من الليل يدل على تأثره التام بالثقافة الفرنسية، بل يدل على مروره بأزمة هوية قد يكون يجهلها أو يتجاهلها.
« الليل يضيء الليل » يثير نقاشات عديدة بذهن المشاهد، و ماضي الغريب الذي يظهر بالمقاطع المصورة لحياة قبيلته يضفي المزيد من السحر و الروحانية حوله. والده هو ملك قبيلة بالنيجر، حياته البسيطة تبدو مرفهة للغاية أمام حياة الشارع التي يعيشها إبنه، تبقى أسباب ترك الإبن لوطنه و أهله مجهولة، لكنه يُوضح دراسته للعلوم السياسية بفرنسا، بالتحديد آثار الاستعمار على إفريقيا. آراؤه السياسية حادة و واثقة، على عكس أفعاله، كتاباته التي يطبعها لورانت تيفول في النهاية تظهر كمُجلد عملاق، تُشعر المشاهد بأن كاتبها أستاذ جامعي مخضرم. لكن الرجل المجهول هو من كتبها، فهو مثل روح قديمة غير معروفة المصدر، وجوده غير مُؤكد، و صدقه غير محتوم، لكنه يبقى بغرابته و تناقضه ساحر للغاية، يستلزم اِنتباه المشاهد و يطرح بعقله التساؤلات.
في الأفلام القصيرة
بقلم لميس شاهين
بروق »: حين تطغى البصريات على كل شيء »
مبهر بصرياً، هكذا يبدو فيلم كامي دوجيي ذو العشر دقائق، الفيلم يكتفي بالأبيض و الأسود و يحتوي الثلث الأول منه على مؤثرات بصرية مسرحية، بل حتى بدائية تبدو كأن أنتجها جورج ميلييس بنفسه, فالفيلم بأكمله يعطي المشاهد الاِنطباع بقدم عمره و عدم مواكبته لعصره. يظهر بطل الفيلم باللقطة الاِفتتاحية نائماً، مُسلط عليه هرم ضوئي و كأنه رؤية تُبعث له من الغيب، يحلم بحبيته الغير موجودة في مشاهد ضبابية تفقد فيها الكاميرا نقطة التركيز عاكسة ذاكرة البطل الضعيفة، و تتداخل الأجساد في لقطات مقربة تضيع بها حدود الأفراد، فلا ندري إذا كان البطل وحده أم معه حبيبته، تماماً كما ذاكرته المشتتة التي تذكر ملامحها مرة و تنساها مرات، فقليلة هي المشاهد التي تظهر بها الحبيبة بوجهها مثلها مثل البطل. يضرب البرق مع كل نقلة للكاميرا من البطل لحبيبته أو حتي لوضعية أخرى، فيبدو و كأن المونتاج يتراقص على إيقاع البرق بالخلفية.
الثلث الثاني من الفيلم هو مجموعة لقطات ثابتة لمكان مهجور بجانب البحر، خافت الأصوات و كئيب في الكثير من الأحيان، فهو مثل واقع البطل خارج أحلامه، خال و حزين. أما المقطع الثالث من الفيلم فهو شاشة سوداء خالية من الأصوات تماماً، يظهر بها الحوار شيئاً فشيئاً، مع جمل مقاطعة تصف حالة المتكلم، فيسرح المشاهد بخياله مكوناً المشهد بنفسه داخل عقله، فهذا الجزء من الفيلم بالتحديد يستكشف آفاق جديدة من الحكي البصري، يمتزج فيها دور صانع الفيلم بالمشاهد، فيرتقي عن كونه فقط المستقبل لآراء الفنان، فكأنما هذا الجزء هو قطعة فنية معاصرة تصلح للمقارنة بأعمال يوكو أونو و غيرها الكثير من رواد الفن التفاعلي.
نيرين »: حين تصبح الكاميرا عيني بطلها »
فيلم قصير لا تتجاوز مدته الخمسة عشر دقيقة، يرى المشاهد به صفحة من ذاكرة طفل صغير عمره ست سنوات، و رحلته مع والدته و إخوته من قريته الصغيرة إلي المدينة. ترتكز الكاميرا عليه لأغلب الوقت فهو بطل الصورة و عنوان الفبلم، تتبعه الكاميرا في نظرته للعالم المحيط به، فيبدو البشر عمالقة أمامه بلقطات مقربة، و تتضح قصر قامته أثناء سيرة بالمدينة المزدحمة، فلا يظهر بكادر الفيلم سوى أجساد بلا رؤوس. فالفيلم بالأساس كأنما صُور من خلال عيني نيرين المحدقتين. حتى مشاهد أمه و عمه بالسيارة، لا تظهر سوى مؤخرة رأسيهما، و يبدو بعدهما عن الكاميرا متناسق مع بعدهما عن نيرين.
هو فيلم صغير و حزين، يبث مشاعر القلق و الإرتباك التي تواجهها شخصياته للمشاهد، فحتى بكاء الأخ الرضيع يبعث بقلب المشاهد نفس كمية التوتر و الإنزعاج التي يبعثها للشخصيات المحيطة. تصويره مميز و الكثير من لقطاته تبدو و كأنها لوحة مرسومة حيوية ألونها، و يبرع جوسوا هوتز في إستخدام كاميرته و تقنياته لإيصال مشاعر الطفل بأقل حوار مُستطاع، حتى تصل براعته أوجها بالمشهد الختامي للفيلم حين تتحول الصورة لضباب غير واضح ولا مضمون تماما كمستقبل الولد، لكن رغم التخبط تظل أصوات الأطفال مسموعة فوق تتر النهاية، فربما يكون لنيرين مستقبل أكثر رحمة بعد كل شئ.
خلينا هكا خير » : خفة الصداقات الغير متوقعة »
هو الفيلم الأكثر إحترافية بالمجموعة، أو على الأقل الأكثر نمطية. روائي قصير عن علاقة صداقة غير متوقعة تنشأ بين جد و حفيده. تصوير الفيلم يميل إلى الكاميرا الثابتة على عكس الأفلام التي سبقته فأغلبها مُصور بكاميرا محمولة باليد، و يلتزم طوال فترة عرضه بنسبة السينما سكوب، فترسي هذه التقنيات التقليدية فكرة حرفية الفيلم و إتباعه للنمط التجاري أغلب الوقت، و يبقى بطل الفيلم هو الأداء الإحترافي للممثلين، و الحوار الذي تملأه نكات ذكية تضج قاعة العرض بالضحك عند سماعها.
هو فيلم خفيف على قلب المشاهد، يلقي ضوئاً إيجابياً على صورة الرجل المسن، فعلى عكس قناعات المحيطين به بعجزه، هو أذكى مما يبدو عليه. يتظاهر بالزهايمر ليقتل الملل، و يتجنب الحديث عن إبنه الذي أخطئه بطريقة لا يدريها المشاهد، و يملأ الشاشة حيوية أينما ظهر. علاقته بحفيده مميزة جداً، كلاهما يدفع الآخر نحو مستوى أعلى من التواصل الإنساني، أو على الأقل نحو نمو اِنفعالي للأفضل على مدار هذه العشرين دقيقة.
فطيمة » : دراسة شخصية يملأها الحنين »
يفتتح الفيلم موسيقى جزائرية فولكلورية، مؤكدة لهوية الفيلم الثابتة طوال فترة عرضه، تتسلل الموسيقى الفرنسية الكلاسيكية و المعاصرة في كثير من الأحيان مع إنتقال الشخصيات من بلد لآخر و من زمن لآخر، لكن تبقى الروح الجزائرية طاغية بشدة. « فطيمة » هو فيلم وثائقي تذكار من المخرجة الشابة نينا خدة لجدتها، و هو أيضا تذكار للجزائر وطن نينا الأصلي الذي تتغنى به الجدة كثيراً. النصف الأول من الفيلم يكتفي بالمقاطع الأرشيفية للجزائر، و صوت نينا و هي تحكي تاريخ وطنها بالخلفية. بعض المقاطع تسجيلي من تصوير المستعمر، يظهر به أشخاص عابسين مستائين لإنتهاك خصوصيتهم، بعضها من نشرات الأخبار، و بعضها من أفلام احتفت بالجزائر و تاريخه.
تضع نينا لمستها الخاصة على المواد الأرشيفية، فتُسرع بعضها و تُبطأ البعض الآخر، و تتوقف عند الكثير من اللقطات محدثة صوت اِنغلاق عدسة الكاميرا، فكأنما تحاول أن تتشبث بماضيها أو على الأقل بالقليل من اللحظات المميزة منه. تستخدم أصوات من الأرشيف تنادي بإسم جدتها بلكنة فرنسية خالصة، فتعلن وصول جدتها لفرنسا، حينها تتغير نغمة الفيلم حيث يطغى التأثير الأوروبي على عالم الشخصيات، فتظهر نينا. تظهر أولاً من خلال تسجيلاتها لجدتها، ثم تظهر هي شخصياً بالكادر الأخير للفيلم, فكأن الفيلم بأكمله رحلة بحث ذاتية خالصة تحاول بها الإنتماء الى هذا الوطن الذي تواجهة بنفسها للمرة الأولى، بعيداً عن حكاوي الجدة و صور الأرشيف.
سمير في الغبار »: بين الوحشة و الجمال بجبال الأطلس »
بقلم لميس شاهين
يعود المخرج الجزائري محمد أوزين من محل إقامته بفرنسا، ليُصور حياة إبن أخته سمير على حدود البلاد. سمير يعمل بتهريب البنزين عبر الحدود المغربية على ظهر البغال. يفتتح الفيلم بوجهه المُحمّل بالهموم فيحكي قصّة مُهرِب آخر قطمت البغال رقبته فمات، يتحسس سمير رقبته بأسى، فيُرسِي نغمة الفيلم الذي يستكشف العديد من جوانب حياة سمير و رفاقه، منها جانب إصطدامهم الدائم بالطبيعة بحُكم عملهم القائم على الترحال. يحكي بالنصف الثاني من الفيلم قصّة أخرى عن مُهرِب يسير على ضوء القمر فيفقد خياله الذي يتبعه، قد تكون القصّة الثانية فولكلورية و أقرب للأساطير الشعبية لأهل المنطقة، لكنها تُثبت و بشدة خوف العاملين من الطبيعة المحيطة بهم. يتابع سمير حكاياته الآسرة و تعليقاته التي في الغالب لا تتبع إطار محدود بل تميل للدردشة، فتظهر من شخصيته طبقات بالكاد ملحوظة قد يصعب إستخراجها في إطار الحوار التقليدي أو الأسئلة المباشرة.
تصوير الفيلم أكثر من رائع, يميل إلى الإستخدام المُفرط لللقطات الثابتة و المطولة لطبيعة الجزائر الخلابة، التي أحياناً يتخللها أشخاص و عربات متحركة تبدو ضئيلة للغاية نسبة للطبيعة المحيطة بهم، عاكسة علاقة الأشخاص بهذه الجبال العملاقة و المساحات الخضراء الشاسعة، فهم حقاً صغار نسبة لبيئتهم و يجوز التعاطف مع مخاوفهم التي تبدو في كثير من الأحيان مبالغة أو غير منطقية، كما يميل أوزين إلى خلق الكادرات بداخل الكادرات، و خصوصاً عند تصوير الطبيعة، خالقا حاجزا غير ملموس بين البطل و بيئته. كذلك إستخدامه للضوء الذي يطغى عليه الضوء الطبيعي، غاية في الحرفية، يلتقط به أوقات اليوم من خلال ظلال السحاب المتراقصة، أو حتى حالة سمير أثناء الحكي، فهو ليس فقط سجين واقعه و حياته، هو أيضاً سجين الضوء، يظهر من وجهة عين و تخفى الأخرى بالظلال في مشهد جمالي من الدرجة الأولى. فقد تكون سينماتوغرافيا « سمير و التراب » هي أقوى عنصر بالفيلم، تذكر المشاهد بكادرات بعض عمالقة التصوير السينمائي، الذين تتقارب أساليبهم لأسلوب الفيلم مثل سفين نيكفيست و رون فريك و غيرهما الكثيرين.
ثاني أهم عنصر في هذا الفيلم – الملئ بالعناصر القيمة – هو المونتاج، يمزُج فيه المخرج بين حواره مع سمير الذي يبدو و كأنه صُور على مدار فترة قصيرة، مع الكثير من المشاهد الأخرى التي قد تحوي سمير أو تكتفي بصور الطبيعة، ولكن يظل حوار سمير مسموع من خلال أغلب هذه المشاهد، فكأن المخرج يرُد على كلام سمير من خلال كاميرته و صوره، أحياناً يكون جوابه الإعتراض، مثل إظهار مشاهد الطبيعة الخلابة مباشرة بعد أن أبدى سمير رأيه بعدم وجود أي مناظر طبيعية تستحق التصوير بالبلد، أو قد يكون رده مؤيداً لكلام سمير، فيُصاحب حكاياه عن القمر و الظلال بصور تظهر بالفعل القمر و الظلال. كما تضفي كادرات المساجد و لقطات الأقبية الدوارة جواً من الروحانية يستشعره المشاهد قبل أن يكتشف علاقة سمير المعقدة بالدين من خلال كلامه.
هو فيلم ساحر يظهر حياة مجموعة من الأفراد قلما تواجدوا بالأفلام. يميل بتقنياته أحياناً إلى الواقعية الخالصة مثل مشهد الحمام العربي حيث لا يلقي المصور بالاً لمُعالجة الصور فتظهر الشخصيات وسط غمامة ضبابية عملاقة، تماماً كما تراها العين على الطبيعة، و بجودة قد تكون غير إحترافية تتماشى مع النتاج المتوقع من الفيلم التسجيلي، في المقابل تظهر مشاهد السهول و الجبال موزونة جداً سواء على حد الألوان أو الإضاءة، فتمنح الإنطباع المعروف للفيلم الروائي. « سمير وسط الغبار » هو كلاً من التصنيفين، روائي و تسجيلي، لكنه لايزال خارج قالب كلاً منهما، فهو بالواقع يَرقى عن التصنيفات المقيدة لرؤية صانع العمل و التي لا تحمل أي أهمية فنية حقيقية. هو حالة إنسانية و طبيعية مبهرة نجح محمد أوزين في إلتقاطها بعفوية و براعة شديدة، لامساً مشاعر مشاهديه و مكتسبا كلاً من تعاطفهم لبشر الفيلم، و تقديرهم لجمال الصورة.
الليل و الفتى »: و ذاكرة الصحراء »
بقلم لميس شاهين
تجريبي للغاية، يصعُب وصفه، هكذا هو فيلم دافيد يون « الليل و الفتى »، فيلم يمتزج فيه السرد النمطي بالصور التجريدية، فتتلبك مشاعر المشاهد تجاهه. أي محاولة لتفسير الفيلم قد تقع في دوامة من التساؤلات والرمزية يتعجب لها أي مشاهد آخر إذا ما سمعها، فمشاهدته بمثابة تجربة شخصية للغاية، يُضفي عليها المشاهد رؤياه و أفكاره الخاصة بناءاً على ما وصله من مشاعر صانع الفيلم أولاً، وتجاربه الحياتية و أفكاره المُسبقة ثانياً. هو واحد من تلك الأفلام التي تعصى على الوصف في مراجعة مكتوبة أو حتى التحليل بمقالة أكاديمية، و يتطلب مشاهدته لتصديقه و الولوج لطبقاته المعقدة. فالفيلم يأخذ من خيال و إبداع المشاهد بقدر ما يمنحه.
صوره ممتعة للعين، و أصواته تحيط بالمشاهد من كل جانب، فالفيلم رحلة بحث ذاتية يمر بها المخرج و المشاهد يداً بيد، تتبدل فيه جماليات الصورة من الظلمة إلى النور، و الأصوات من صدى الطبيعة المخيف إلى أغاني فرح شعبية، فينال المشاهد القليل من الإرتياح، شاعراً أن كل ما خاضه لم يكن بلا هدف بالنهاية. الأجزاء الحوارية من الفيلم مليئة بالأشعار فائقة الحسية عن الحياة و الوجود والبشر، و مع صور الصحراء المحيطة بالأبطال يظهر تأثر و لو بسيط بالشعر العربي القديم. الحقيقة أن الفيلم بأكمله يظهر به سحر المنطقة و أهلها، فباستخدام الظلال و الخيال، الأضواء المشتتة و النيران، بل حتى هالة من الغموض حول الأبطال خاصة بالنصف الأول من الفيلم. تمكن دافيد يون من إلتقاط روح الصحراء بالعقل العربي، و تأثيرها على الثقافة العربية عامة، و العلاقة المعقدة بين العرب و الصحراء، التي تحوي الكثير من الشدّ والجذب، خوف من الطرقات يؤيده أصوات الرياح الموحشة، و تقدير للجمال و النجوم والقمر.
و كما أشرت مسبقا، الفيلم هو تجربة ذاتية تماما، يتوجب الإنغماس فيها كليا لاضفاء المعنى، الذي يقبل التشكل طوع خيال المشاهد كما يحلو له، و هنا يكمُن جمال الفيلم. رؤيتي الشخصية للفيلم هو أنه يمثل كل مشاعر الأزمة الوجودية، مع رؤية كابوسية للمستقبل تؤيدها بصريات الفيلم المشتتة و التي تحمل بطياتها العنف أحياناً، بل إن حتى إختيار الصراصير، ورثة الأرض، كمشهد افتتاحي لسلسلة من المقاطع التي تصور حشرات الصحراء، يؤيد الشعور بحتمية الفناء. و ربما يكمن مفتاح الفيلم بمشهد لحديث مجموعة من الرجال عن إختفاء الشمس على غير العادة، فقد يؤكد هذا المشهد، مع الخروج للنهار و المشاهد الصباحية بالنصف الثاني للفيلم، رحلة الأبطال للوصول لأرض ثابتة بعيدة عن التخبط و الخوف، وتملأها بهجة الأفراح بالمقابل.
lameesshaheen01@gmail.com
أطلال » : الواقع بين السينما والكيتش »
بقلم مهاب ماهر
يجلس مجموعة من البشر داخل كهف مظلم ولا يرون الا اشكالا و اشباحا على جدران الكهف معتقدين أنها الحقيقة التي لا شكّ فيها. و من ناحية أخرى يجلس مجموعة من الناس داخل قاعة مظلمة يشاهدون صور مضاءة منتقاة لتكون الواقع. تلك المقابلة اوالمماثلة الشهيرة بين كهف أفلاطون والسينما سنحاول سبرها من خلال الكلمات القادمة.
لم يكن كهف افلاطون الا تمييزا يين عالم المحسوسات و المثل، الزيف والحقيقة. فما تراه داخل كهف افلاطون ما هو الا ظلال الواقع والمقابلة بين الصورتين تقول إن السينما ليست الا تهويمات و اشباح للحقيقة ولا علاقة لها بالواقع في شيء، و لكن السينما المستقلة تجعلنا نتساءل حول مدى صلاحية تلك المقابلة -السينما وكهف افلاطون-. هذه السينما بكسرها لكل ما هو معتاد و عدم تقيدها بحدود التعريفات والصور المألوفة أنتجت لنا افلاما جد مختلفة ومميزة تتحدى بذلك مماثلة افلاطون والسينما. وعلى الرغم من أن الكاميرا في السينما تعتمد على الايهام والخداع البصري الا انه الى أي مدى هي قادرة على مماثلة الواقع ورصده. السينما المستقلة هي كأي عمل فني ابداعي يجب على صاحبها ان ينقل جزء من ذاتيته للمشاهد وأن ينقل تجربته مع الحدث حتي يبتعد عن الصور التقليدية والكليشيهات. من هذه الزاوية فيما ارى تتحدى السينما المستقلة مماثلة السينما وافلاطون. مثال على ذلك فيلم « أطلال ». « أطلال » فيلم جزائري فرنسي يروي لنا أحداثا عن سنوات الإرهاب في الجزائر فترة العشرية السوداء. على عكس الصور النمطية ﻷي فاجعة لا يبتدأ الفيلم ولا يهتم بصور الثكلى و المكلومين و الضحايا والصراخ و العويل بل عوضا عن ذلك ساءل الزمان والمكان عن الحدث. ابتدأ بلقطات قديمة لمبان مدمرة في تلك الفترة و تعمّد اتخاذ لقطات بطيئة يهدف منها اشراك المشاهد وكأنه يدعوه لمشاركته اللحظة ويقول له تأمل معي عسى أن ترى معي الحياة وسط الموت والبهجة وسط الحزن، فها هي الأرض تقيء ما بأحشائها و اتلفت جلّ المحاصيل والمزروع والتم حولها جياع الأرض يرثون حالتها المجدبة. وفي مقابل تلك المباني المدمرة يعرض صور لمباني شبه مكتملة لكن لا طعم ولا لون ولا رائحة لها. لم تكن وتيرة تلك المشاهد أسرع من سابقتها وكأنه يريد بذلك أن يذكر الأحياء منهم بمن سكن الديار. ابتدأ الفيلم بلحظات صمت مهيبة رافقتها بعض الصور للخراب والدمار الذي لحق بالأرض والزرع و تعقبها مباشرة صور لمبان شبه مكتملة تنعى حياة ولت وماضيا فات وكأنه من فرط الكلام لاذ بالصمت، فوطأة الحدث تغنيك عن أي بيان . ينتصف الفيلم وتنحل عقدة اللسان ويأتي برواية لجيلين مختلفين. الجيل الأول جيل الآباء جيل من المزارعين تربي على حبّ الارض والوطن وفي خضم حرب التحرير الجزائرية و خطابات القومية العربية الحنجورية. رغم كل هذا لم نشعرأمام الرجل الكبير الا باليأس و توقف الزمن وسط حديثه عن العائلة والارض والوطن لم يعد يريد من الحياة شيئا ولا ينتظر منها شيئا فكل شيء تحطّم في نزوة فاجرة. وكأن من مات منهم نجا. أما الجيل الثاني، جيل الأبناء، فكان ساخطا متمردا يتحين الفرصة للسفر. جيل لا يرث من وطنه الا الهموم فلا حديث عن الانتماء. ينتهي الفيلم بعد أن رسم لنا جزائر الحرب الأهلية وما بعدها. وفي النهاية أعتقد أن فيلم « أطلال » يتحدى الصورة التقليدية عن السينما وعالمها الفوقي الذي يشابه ظلال الحقيقة في كهف أفلاطون ويطرح الواقع بعيون أصحابه.
mohabmaher2018@yahoo.com
سمير وسط الغبار
« رحلة روح « متقلقة
بقلم يارا شاهين
في تلك المنطقة البعيدة في غرب الجزائر علي الحدود مع المغرب يعيش سمير بطل فيلم محمد أوزين « سمير وسط لغبار » . يتعجب سمير الذي يواجه اكتائبه بعد أن بلغ قرابة الخامسة والثلاثين عاما في تلك المنطقة النائية بلا فرص ولا طموح ولا آفاق للحياة، يتعجب من إصرار أوزين علي تقديم فيلمه الأول عن كل هذا الفراغ الموحش …عن هذه الأرض الواسعة وكل هذا الغبار
لكن أوزين يردّ علي هذا التساؤل الإستنكاري بمشاهد واسعة ممتتابعة تعكس جمالا ساحرا لتلك المنطقة. في كادراتها الخارجية الكاميرا مفتوحة علي اتساعها و ثابتة، فتتشبع أعين المشاهدين بكل الجمال الذي رآه أوزين علي الرغم من بغض سمير له. تتثبت الكاميرا ثم تدخل الحركة داخل الكادرشيئا فشيئا، فيظهر سمير من بعيد، أو يظهر حماره أو حتي السحب تتحرك فجأة، فهذا الفراغ الواسع وتلك الطبيعة تتملك المشهد وتسيطر عليه ويصبح كلّ عابر نقطةً صغيرة لا تستطيع الظهور أو التعبير عن ذاتها في وسط سطوة تلك الجبال . أما عندما يتحدث سمير عن شعوره و طموحاته وإحباطه فتصبح الكادرات ضيقة مثبتة علي وجهه و كأنها تنفذ إلي روحه وربما هكذا يري سمير نفسه داخل هذه المنطقة الجبلية شديدة الجمال، محبوسا داخل ذاته فلا يري ما حوله
يواجه سمير اكتئابه وإحباطه بشجاعة كبيرة، يبدأ بالأطباء أولا الذين يصرون على أنه سليم معافى، بما فيهم الطبيب النفسي ذاته ثم يقرر أن يبدأ رحلة علاج روحي شعبي بالروقية والحجامة، يحتمي بصلاته الذي يواظب عليها في المسجد أو بيته بل في عرض البحر، يظهرعلي خلفية شريط الصوت نداءُ الآذان يغلف المكان وحياة سمير. يخشى سمير ورفاقه الذين يعبرون الحدود بين الجزائر والمغرب لتهريب البنزين منطقةَ أعلى الجبل في وسط الطريق، يصرون على أنها تصبح ليلا مقرا للأشباح ولذا يفضلون أن يقوموا برحلتهم صباحا رغم مخاطر حرس الحدود و الأمن عن أن يقوموا بها ليلا وأن يخاطروا بدخول مقرّ الأشباح الأكثر خطرا
رغم حديث سمير المستمر عن شعوره » بالتقلق » وهو المصطلح الشمال الإفريقي الذي يعني الضيق الشديد، يتسرب لي إحساس بإن سمير يعلم داءه و دواءه جيدا، و أن انتقاله بين العلم والخرافة و بين الطب والوصفات الشعبية، بين العلاج النفسي والحجامة كلّها مجرد آليات للتعايش مع واقعه، أو ربما للهروب من مواجهة سؤاله الحقيقي. في الثلث الأخير من الفيلم يتحقق حدسي، فتبدأ أسباب « تقلق » سميروضيقه البسيطة والمنطقية جدا في التكشف : حبيبة صعبة المنال، تظهر في كادر صغير غير واضح و كأن سمير يتلصص عليها من بعيد، لتعكس حبا مستحيلا إذ سيرفض أبوها أن يزوجها من رجل مثل سمير يعمل بالتهريب. وعندما ينطلق في رحلة إلي البحرالمتوسط لتصبح أسبانيا قريبة فتتراءى له أنوارها على الشاطيء الأخر من بعيد، يظهر سمير أخر، مرح، سعيد، منطلق، يرقص مع أغنية إديت بياف وكأنه يريد أن يذوب هو الأخر وسط الحشود التي تتحدث عنها بياف في أغنيتها عن حبيبها التي ذابت معه وسطها
في مشهد نهاية بديع يقدم أوزين تحية إلي المكان الذي أتي منه، وأتت منه أسرته وتحديدا أبوه من سنوات عديدة، يقدم صورا لوجوه أبناء المنطقة، في تتابع شديد الرقة يتناقض مع مشاهد الفيلم السابقة التي تسيطر فيها الطبيعة علي الصورة والكادرات، يظهر البشر مرة أخري إلي موقع السلطة في الكادر مواجهة سطوة الطبيعة التي سيطرت علي معظم مشاهد الفيلم .يحيي أوزين ربما رحلاتهم في مواجهة تلك المنطقة الموحشة الجمال، تلك الرحلات التي ربما تختلف عن رحلته هو مع إكتائبه و تقلقه …..عن إنكاره و آليات تعايشه و دفاعه عن ذاته و روحه المرهقة، لكنها تتشابه جميعا في شجاعتها و صمودها.