ايدنجتون والتقاء العنف بالعنف
بقلم الطاهر الشيخاوي
تتوالى العروض ويضيق وقت الكتابة
لنتعرض على الأقل لأهم ما شاهدنا أو لما نعتقد أنه كذلك
ملاحظة أولية أساسية : رغم محاولاتنا العديدة لم نتمكن بعدُ من مشاهدة شريط سبيدة فارسي « ضع روحك على كفك وامش » الذي يتناول حياة المصورة الغزاوية فاطمة حسونة بغزة التي تزامن اغتيالها مع اعلان مشاركة الفيلم في مهرجان كان في قسم (ACID) جمعية السينما المستقلة من أجل نشرها، الأمر الذي جعل الفيلم يحتلّ صدارة الأحداث السياسية صلب المهرجان. احتشدت جماهير المشاهدين من صحافيين ومهنيين ومتابعين للشأن السينمائي على القاعات التي برمجت العرض فأصبح من الصعب جدّا الحصول على مقعد. ليس من المستبعد أن تضاف عروض أخرى عساها تمكننا من المتابعة والكتابة عن الشريط.
لكن علاقة الأفلام هذه السنة بالشأن السياسي احتدّ إلى درجة غير مسبوقةبسبب تعدد الاضطرابات في العالم.
في هذا السياق كان « ايدنجتون » (Eddington) من أهم الأفلام المنتظرة بسبب شهرة صاحبه أري استر Ari Aster الذي تلقت أعماله ترحيبا جماهيريا وصحفيا لافتا منذ بداياته. غالبا ما استعمل جنس الرعب متجاوزا مجرد الإثارة متناولا قضايا معاصرة لقيت اهتمام الشباب بالخصوص.
لا يخلو « ايدنجتون« من العنف لكنّه يندرج تماما في سياق سياسي أساسه العنف. المكان : بلدة صغيرة في ولاية نيو مكسيكو والموضوع : خلاف سياسي حادّ بين رئيس البلدية تاد غارسيا (بدرو باسكال Pedro Pascal )وقائد الشرطة جو كروس (جواكين فيليكسJoaquin Phoenix في تألق ملحوظ). السياق : جائحة الكوفيد خلال ولاية ترامب الأولى والاضطرابات التي أثارتها وفاة جورج فلويد Georges Floydضحية العنف البوليس. يحتدم التوّتر بين الرجلين ليأخذ بعدا سرياليا. لا يدّخر جو كروس أي£وسيلة حقيقية أو واهية للتشهير بخصمه، في مغالاة تذهب بالفيلم إلى مجالات الو سترن والثريلر التي تميّز في استعمالها أري استر. المهم هو أن الصراعات نابعة أساسا من أمور شخصية بحتة بل حميمية ومعتمدة على الوسائل العصرية للتواصل الاجتماعي حيث تختلط الحقيقة بالكذب اذ لا يفصل بينهما إلاّ ادعاء أصاحبها والتقائها مع الدوافع الدفينة للحشود. الغوص في أجناس غنيفة ومثيرة يلقى نوعا من المشروعية في اعتباطية التلاعب السياسي والعنف واستغلال غرائز عامة الناس في سياق متأزم.فيأخذ الشريط قيمة إضافية تؤكده الأوضاع السائدة في الولايات المتحدة والعالم. وتجدر الإشارة إلى تألق جواكين فيليكس في نحته لشخصية السياسي الإنتهازي الشعبوي المختل.