« ر شاقة « الرحيل في يوم ما

.فيلمان من فرنسا يمكن اعتبارهما من الأعمال التي تنتمي إلى أفضل ما تتميز به السينما الفرنسية الراقية

فيلم الافتتاح وهو أول شريط طويل « الرحيل في يوم ما »  Partir un jour لصاحبته إميلي بونان Amélie Bonnin  خارج المسابقة الرسمية و فيلم افتتاح « أسبوعا السينمائيين » انزو » Enzo للوران كانتي وروبان كامبيلو Laurent Cantet & Robin Campillo

عملان مختلفان في الشكل والمحتوى ولكنهما يشتركان في رقة المعالجة ومدى معاصرتهما للمحيط الاجتماعي والثقافي السائد حاليا بفرنسا.

أمّا بالنسبة إلى »الرحيل في يوم ما »، تجدر الإشارة أوّلا إلى أنه من اخراج امرأة أضافت اسمها إلى قائمة السينمائيات المتألقات المتزايد عددهن في ظرف سوسيولوجي احتلّ فيه موضوع النساء الصدارة في السينما مع التأكيد على أن سوسيولوجية الصناعة والتقبل تقارنت هنا مع تفرّد التمشي الإبداعي من حيث مكانة المرأة التي لاتزال محدودة في السينما العالمية. اللافت هنا هو انقلاب الأدوار في الشريط مقارنة بشريطها القصير الذي تناول نفس الموضوع : « الرحيل في يوم ما » هو نسخة مطوّلة لشريطها القصير الذي يحمل نفس العنوان والمتحصّل على العديد من الجوائز ولكن الشخصية الرئيسية تحوّل من رجل في الفيلم القصير إلى إمرأة في الطويل. لو توقف الأمر عند هذا الحدّ لما تجاوز حدود مسألة الإنتاج. يمكن اعتبار الشريط مجادلة تاريخية لطيفة (ليس مهما أن تكون واعية أو غير واعية) مع مخرجين هامين تعرضا لنفس الموضوع، فرانسوا تروفو في « جول وجيم »  Jules et Jim وألان ريني Alain Resnais في « نعرف الاغنية » On connaît la chanson

 سيسيل Cécile امراة في الاربعينيات من العمر، تتهيأ مع شريك حياتها سفيان لفتح مطعم في باريس امتدادا لتراث عائلي عندما جاءها خبر تعرض أبيها إلى وعكة صحية، تقرر العودة إلى مسقط رأسها في قرية شرق فرنسا حيث لا يزال والداها يشتغلان في نفس الميدان. في الوقت ذاته تكتشف بعد اجراء الاختبار أنها حامل. تترك سفيان منشغلا في انجاز مشروع المطعم دون اعلامه بالحمل. بسبب كل هذه العوامل تعيش سيسيل أزمة اختلت من جرائها علاقتها مع محيطها العائلي، تعيد اللقاء بأصدقاء الطفولة وخاصة رافييل التي عشقته سابقا. تشتعل من جديد شرارة الحب فتختلط الأمور. تتسع رقعة المساءلة في قضايا أساسية منها العلاقات العائلية كالأمومة والطفولة والعاطفية كالحب والصداقة والاجتماعية كالريف والمدينة. في قالب ظريف موسيقي يذكر بشريط ألان ريني ما يضفي على جدية المسائل المطروحة مسحة خفيفة تترك للمتفرج مساحة للتفكير والمتعة وتوسع آفاق السينما الفرنسية.

أما بالنسبة إلى شريط « أنزو » فسيكون موضوع مقالنا اللاحق