أسماء المدير والبحث عن الصورة المفقودة
بقلم الطاهر الشيخاوي
للمرّة الثانية أشاهد فيلم أسماء المدير « كذب ابيض » لأتبين خيوطا ظننت أنّني لم أتمكّن من ادراكها في المرّة الأولى بفعل التعب المتراكم. هل أدركت ما فاتني ؟ لست متأكدا من ذلك، بل ربما كان اختلاط الخيوط مضمّنا في العمل ذاته. تساءلت : هل اختلف الأمر لو تخلّت المخرجة عن تركيب فيلمها ؟ ثم تبادر إلى ذهني فيلم كوثر بن هنية وتساءلت ثانية : لِمَا الالتجاء إلى مكوّنات إضافية، أي زيادة عن تلك التي توفّرها السينما لإيجاد مسلكا للتعبير ؟ قد تكون درجة تعقيد القضايا المطروحة في حدّ ذاتها سببا في اللجوء إلى مثل هذه التجهيزات.
Pourquoi ce recours à autant d’artefacts ? Les procédés ontologiques du cinéma ne suffiraient-ils pas ?
كلّها أسئلة سوف نتناولها عند تعرضنا إلى فيلم كوثر بن هنية لاحقا
أمّا في خصوص « كذب أبيض »، فمنذ اللحظة الأولى تصرّح المخرجة بوضوح أنه كان عليها أن تنبش في ذاتها للحصول على شيء ما. خيارٌ يلخّص كامل الشريط : غوصٌ في خفايا محيطها العائلي، لا تحكمه قواعدٌ عقلانية أو مبدأ واضح. ارتماء حرّ يكاد يكون عفويا بعيدا عن الإتقان المفرط في التذكر
Une espèce de bricolage
« وعي » بالمخاطرة يثير التعاطف والاستحسان. جنّدت أسماء كلّ أطراف العائلة وفي مقدّمتهم أباها لتفكيك الموضوع فاختارت مسلكا فنيّا (لا بدّ من اللإشارة هنا إلى إضافة حاتم الناشي في جمال الصورة) مزجت فيه المسرح والديكور الكارتوني. استغلت فرصة تنقل العائلة إلى منزل جديد لإعادة تركيب الحيّ بأكمله. أمّا انطلاقها من تلك الصورة التي تدّعي الجدّة أنها كاذبة أمرٌ أساسي. فالقضية بأسرها في البحث عن الصورة المفقودة. مع تقدّم البناء تطفو « صور » خطيرة منها مجزرة جوان 1981 التي ذهب ضحيتها عدد كبير من المواطنين منهم تلك الجارة الصغيرة. الطريف في الأمر هو الإبقاء على الجدّة في خضم البحث، وهي التي تمثّل السلطة القامعة، ممثلة الملك الحسن الثاني داخل المنزل. فتمّ الرجوعُ ضدّها ومعها في نفس الوقت. عمل مرّكب، لا يُخفي غموضَه ومفارقاته، مرّه وحلوه، يجعل من أسماء المدير مخرجة لا بدّ من متابعتها